قصة الجزائر واستقلالها قصة طويلة الفصول،حزينة
الأحداث،تجمع بين البطولة والمأساة،بين الظلم والمقاومة،بين القهر
والاستعمار،بين الحرية وطلب الاستقلال،كان أبطال هذه القصة مليون ونصف
مليون شهيد.ورغم هذا نسينا تلك التضحيات التي قدمها هؤلاء الأبطال ولم
نهتم بتخليد أسمائهم في تاريخ الجزائر بلغتنا العربية ،بل هناك من كتب
أسمائهم بلغات أخرى ،ومن هنا خطرت في ذهني فكرة وهي انشاء موسوعة تضم
نبذات قصيرة عن هؤلاء الشهداء الأبرار.
انشاء هذه الموسوعة يتطلب مشاركة من جميع أعضاء المنتدى أي أن كل عضو يقوم
بالتعريف بشهداء مدينته،وبهذا نكون قد خلدنا أسامي شهداءنا بلغتنا العربية
لكي يستفيد منها الجميع دون اللجوء الى البحث عنها بلغات أخرى كالفرنسية.
وسأبدأ من ولايتي-الأغواط-لأعرفكم بشهداءها وأبطالها.
ا
لشهيد صاحب القبر المجهول:أحمد شطة
مولده ونشأته:ولد أحمد شطة سنة 1908م الموافق ل1327ه بالأغواط من أسرة زكية الأصل رفيعة
الخلق،ميسورة الحال،كان والده التهامي فلاحا بسيطا ،محبا للعلم والعلماء
،وقد تلقى من والده كل ما يتلقاه الأطفال في مثل سنه من اهتمام ورعاية
وتربية حسنة على الأخلاق الفاضلة.
كان أحمد منذ صغره حاد الذكاء ،خفيف الحركة،يراقب ويلحظ كل شيىء،يطيل
النظر في محدثه فيفهم منه جل أفكاره،ولما رأى والده منه هذا النبوغ أرسله
الى الكتاب عند الشيخ-عبد الله بن الركزة-فحفظ عنه القرآن وعلوم الفقه
وبعض أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم وأسماء الله الحسنى وهو في الثانية
عشرة من عمره حتى امتلأ قلبه بنور الايمان .
لما بلغ ثمانية عشرة سنة ،تجرع مرارة اليأس والاستبداد الذي ضايق بلاده
وشعبه،انها مآسي تسبب فيها الاستعمار الفرنسي الذي كان مستحكما فسلب منه
حرية بلاده ،فشعر البطل بأنه مسؤول هو وأمثاله من العلماء على احياء هذا
المجتمع حتى يثور ضد هجمات الاستعمار،فتفرغ للعلم لأنه السبيل الأمثل
لايقاظ المجتمعات النائمة،واحياء النفوس الميتة.
وفي العشرينات شهدت مدينة الأغواط اقبال العلماء عليها ممن كان لهم الفضل
في تثقيف الشعب وتربية الجيل تربية دينية ووطنية شعارها (الاسلام دين
الشعب،والعربية لغته،والجزائر وطنه)من بينهم العالم-محمد سعيد الزاهري-اذ
لم يدم طويلا في الأغواط ،والشيخ -مبارك الميلي-الذي قدم من ميلة بطلب من
أهالي المنطقة،ولما عرف بطلنا أن الشيخ مبارك الميلي عنده من العلوم
والعقيدة والشريعة واللغة ما ليس عند غيره من العلماء انطلق اليه ليأخذ من
علمه وأدبه.
أتيح لأحمد أن ينحصل على علوم ومعارف كثيرة كالتفسير والحديث والفقه
والعقيدة والأصول ومآثر الصحابة الى جوار ذلك دراسة علوم اللغة العربية
والتاريخ وبعض العلوم الكونية.
وفي عام 1928م سافر الى جامع الزيتونة بتونس ليأخذ من علمائها ويثقف نفسه
بمعارفهم ،فلازم الفقيه-محمد الطاهر بن عاشور-الذي بهره بعلمه الواسع وقوة
حجته وتفوقه،وحينما رأى منه أساتذته ما أدهشهم ورفع منزلته بينهم قدموه
الى حاكم تونس-الباي-الذي حمله على كتفيه وطفق يجري فرحا مسرورا بنجاحه
وتفوقه في الدراسة،وبقي هناك سبع سنوات.
عام 1936م عاد أحمد الى الأغواط بعد أن أصبح عالما لا يستهان بعلمه ،ففرح
الجميع بقدومه واستقبلوه بحفاوة،وما كاد يجلس للحلقة الأولى في مسجد (سيدي
عبد القادر)حتى اجتمع بين يديه أبناء منطقته،خاصتهم وعامتهم،كبيرهم
وصغيرهم وصار من أبرز العلماء الذين يعلمون الناس،ثم قرر فتح مدرسة يعلم
فيها شباب المنطقة ،لكن الاستعمار الفرنسي هدده ومنعه من التدريس ورغم
تهديد فرنسا له لم يستسلم لليأس وراح يعلمهم في أماكن خفية ويتنقل من مكان
لمكان.
في منتصف الثلاثينيات انضم الشيخ أحمد شطة الى صفوف جمعية العلماء
المسلمين الجزائريين،وعمل تحت لوائها مناضلا مخلصا وقائدا حكيما،وفقيها
مدركا للأمور،واضعا كل شيىء موضعه دون مغالاة أو ولا تفريط،ولما استشعرت
منه هذه الجمعية هذا الاخلاص والتفاني في العمل عينته ممثلا لها ليس في
الأغواط فقط بل في في منطقة الصحراء التي كانت تسمى بمنطقة الواحات ،وقد
كان بنشأ أجمل الخطب في مسجد سيدي عبد القادر ،يناقش بلين ويناضل بحرارة
ويبحث وينقب ويجيب السائل ويفيد طالب العلم.
وفي تلك الظروف المفعمة بالنجاح والنبوغ،قررت جمعية العلماء المسلمين فتح
مدارس حرة عبر كامل ولايات الوطن بطلب من رئيس الجمعية -عبد الحميد ابن
باديس-وظل ابن باديس في سعي نحو تحقيق هدفه المنشود الا أن الأقدار شاءت
أن يحقق الحلم بعد وفاته ،وكانت الأغواط من بين مدن الجزائر التي حظيت
بهذا الاشعاع العلمي المتمثل في المدرسة التي سعى بطلنا أحمد مع رفقائه
لانشائها،وكان -الحاج يحيى فرحات-قد وهب أرضه ليقام عليها صرحها
العالي،فبنوها وشيدوها بسواعدهم ،وبعد ثلاث سنوات فتحت المدرسة أبوابها
لاستقبال جموع الطلبة.ولم يكن الشيخ أحمد رحمه الله وحده معلما في المدرسة
بل ساعده الشيخ -أبو بكر الحاج عيسى-والشيخ -حسين زاهية- والشيخ -عطاء
الله كزواي-و-محمد سويدي-الذي كان أمين المال وفي نفس الوقت كلف أحمد
بادارة شؤون المدرسة لمدة ثماني سنوات.
أخلاقه:كان رحمه الله شريف النفس،عالي الهمة ،واسع الصدر،شديد الحياء
متجملا بكل صفات المربي الذي لا يكتم الحسنة اذا رآها،ولا يشمت بالسيئة
اذا عثر عليها،كان يستطيع بشخصيته الفذة أن يلج الى أعماق النفوس بحسن
حديثه وطيب كلامه وجميل صنيعه وابتسامته التي لا تكاد تفارق ثغره.
اليوم المشؤوم:ظل الشيخ أحمد مجاهدا يعمل في صفوف الثورة سرا منذ 1954م الى أن جاء اليوم
الذي سقطت فيه أقنعة التستر ،وعرفت السلطات الفرنسية خطر هذا الرجل عليها
،فألقت القبض عليه صبيحة يوم 15 أوت 1958م وكان يوما مشؤوما وموقفا رهيبا
حيث ظهر الشيخ فيه مكبلا بالحديد يقاد الى مركز التعذيب والاستنطاق
المعروف (بالدوب)الذي كان يوجد بحي المعمورة ،فتعرض أحمد الى أشد أنواع
التعذيب و التنكيل.
صبره وثباته:تفنن الاستعمار في تعذيبه ليكشفوا عن مكنون سره ،وخفي تآمره
على الوجود الاستعماري البغيض،فما نقموا منه الا أنه أحب وطنه ودينه
ولغته،وأرغموه على أن يهتف بحياة فرنسا ،لكنه صمد لقوة ايمانه الذي دخل
قلبه فملأه رحمة واحسانا وعطفا ،وحنانا وصبرا وسلوانا،كان يقابل الاستبداد
بالسخرية،والقوة القاهرة بالابتسامة المؤثرة،والمستفزة،ولما بليت سياط
الاستعمار وبقيت عزيمة البطل قوية كقوة الرياح العاتية،أيقن أنه لا جدوى
من قهر عزيمته وقوة ايمانه وحبه لوطنه.
الى الرفيق الأعلى:لما أيقن الجلاد أنه لاجدوى من التعذيب أقبل عليه يضربه في صدره الضربة
تلو الأخرى حتى فاضت روحه الى بارئها ،ومات البطل وسكت قلبه الى الأبد،أما
روحه الطاهرة فقد صعدت الى بارئها فرحة مستبشرة.
صاحب القبر المجهول:سمي بصاحب القبر المجهول لأنه لا أحد يعرف مكان وجود قبره الى يومنا هذا.
ابن الناصر بن شهرة 1804-1884م [center]
هذه جوانب من الكفاح المسلح الذي قام به ذلك الرجل العظيم ابو البطولة
والشجاعة النادرة والشهامة العربية ابن ناصر بن شهرة بن فرحات شيخ قبائل
الأرباع بنواحي مدينة الأغواط، وذلك الرجل الذي دام كفاحه ضد الإحتلال
الفرنسي أكثر من أربع وعشرين سنة (1267-1292هـ/1851-1875م).
ولد ابن ناصر بن شهرة بعشيرة الأرباع قرب ورقلة[b1] عام 1804 وكان أبوه بن
شهرة وجده فرحات قائدين وشيخين بالتوالي على الأرباع فنشأ المترجم له في
جو ملؤه الحياة العربية القحة بما يروي فيها من اخبار الفروسية والكرم
واحداث الكر والفر في الحرب والنزال متمسكا بسيرة أسلافه شيوخ الأرباع
وزعماء الصحراء منتمياً إلى الطريقة القادرية.
تزوج الشيخ ابن الناصر بن شهرةفي شبابه بكريمة السيد أحمد بن سالم سلطان
مدينة الأغواط –قبل الإحتلال- فأنجبت له بنتاً، ولم حل المستعمرون
بنواحيهم رفض المترجم له البقاء تحت ضل الإحتلال الفرنسي وأخذ يفكر باحثاً
عن المكان الذي يساعده على حمل السلاح في وجه العدو، فاختار التعمق في أرض
الصحراء ولما اعتزم على الإنتقال من بلده لتنفيذ خطته و أخذ يستعد للرحيل.
ويومئذ انتقل إلى الصحراء (1267هـ/1851م) واتصل بسلطان مدينة ورقلة وهو من
قبيلة المخادمة واتفق معه على القيام بالكفاح المسلح ضد الغزاة المحتلين
وتزوج بنته (الياقوت) فأنجبت له ولدين هما محمد وابن شهرة –سماه باسم
أبيه- وتوفيت أمهما الياقوت فتزوج ثالثاً بالمرابطة (نوة) أخت السيد مولاي
عبد القادر الادريسي فأنجبت له ولدين أيضاً وهما فرحات ويحي وثلاث بنات.
ويذكر من رأى شخصه وعرفه ذاتا وصفه أنه كان ربعة أشقر اللون أحمر الشعر
كثيف شعر الحاجبين سريع الخطا ماهراً في الرماية يضرب بالرصاص فيصيب
المرمى سواء في ذلك من أمامه أو من خلفه ولا يكاد يخطئ أبداً ويعتم مثل
الأمير عبد القادر ويلبس الحايك من الصوف ويحتذي الحذاء الطويل. وكان ذا
حمي وطيس الحرب تلثم بلثامه، عالما بدقائق أرض الصحراء وفسيح فضائها
ويابسها حتى قال فيه المؤرخ الفرنسي لوي رين: كان ابن ناصر بن شهرة الملاح
الحقيقي للصحراء.
وكان من أنصار ابن شهرة أقاربه وبنو عمه من قبيلة المعامرة والحجاج
وأكثرهم من قبيلة الحرازلية وقد وجد التأييد في الجنوب التونسي بصحراء
الجريد وخصوصاُ لدى الزاوية الرحمانية التي كان يرأسها الشيخ مصطفى بن
محمد بن عزوز الجزائري والد العلامة البحر الشيخ محمد المكي بن عزوز ابن
اخت شيخنا أبي القاسم الحفناوي وقد كانت هذه الزاوية في ذلك العصر ملجأ
وملاذاً للثوار الجزائريين والفارين بدينهم من الإستعمار، يقول رين: (في
نفطة كان ابن ناصر بن شهرة الذي خلف ابآه كآغا على الأرباع سنة 1846م يقوم
منذ سنة 1851م بحرب مستمرة ضدنا في الصحراء الشرقية ولم يترك سنة واحدة لم
يهاجمنا فيها أو قبائلنا التي رضخت لنا).
وفي آخر شهر ذي القعدة 1267هـ/5 سبتمبر 1851م اتصل المترجم بالمجاهد البطل
شريف بلدة ورقلة السيد محمد بن عبد الله واتفق معه على الجهاد ثم رجع إلى
الشمال الشرقي واستولى على قرية قصر الحيران (11 شوال 1268هـ/31 جويلية
1852م) ويومئذ وفد عليه أعيان رجال الصحراء وذوو السمعة والجاه مثل السيد
يحيى بن عمر أحد شيوخ الأغواط والسيد الشريف ابن الأحرش الذي كان خليفة
الأمير عبد القادر ثم صار باش آغا على عشائر أولاد نايل، وكان هذا اللقاء
في مكان اللقحات في أرض الشبكة قرب بريان وكانت هنالك المفاوضات...
وذهب ابن شهرة مع شيخ ورقلة محمد بن عبد الله إلى المدينة القرارة للتسليح
والتموين، واستقر ابن شهرة بالجنوب التونسي ينتظر تطور الأحداث والفرص
لاستئناف الجهاد وكون حوله أنصاراً وأعواناً من أبطال تلك الجهات من
اللاجئين الجزائرين، وأخذ من هنالك يشن الغارات على أعوان الفرنسيين داخل
الحدود الجزائرية وشارك محمد بن عبدالله في وقائعه ضد القوات الفرنسية
بتقوصة وبريزينة والرويسات (نوفمبر1853م). وفيها جرح بإحدى المعارك فالتجأ
إلى واد غير.
وفي صيف سنة 1281هـ/1864م انتقل المترجم متخفياً إلى ورقلة واتصل بالسيد
العلا من أولاد سيدي الشيخ فاشتركا في قيادة الثورة، وكانا في يوم (2ربيع
الأول 6أوت) من نفس السنة على رأس جيش عظيم من الفرسان يبلغ عددهم 15000
فارس وتقدم الجمع إلى أرض طاقين وهنالك وقعت معركة عظيمة بينهم وبين جيوش
الإحتلال وفي يوم 19 جمادي الأول -21أكتوبر- من نفس السنة انتقل ابن شهرة
صحبة مرافقيه من أولاد سيدي الشيخ والأرباع إلى ناحية واد النساء جنوب
بريزينة للاتصال بالزعيم سيدي الحاج الدين بصحراء الساورة. وأصبح هو ومن
معه من الأنصار يمثلون قوة هائلة في المنطقة فأضعفتهم القوات الفرنسية
بقطع صلتهم عن القوافل حتى أقعدهم الجوع.
وفي سنة 1282هـ/1864م رجع ابن ناصر بن شهرة وسي العلا إلى مدينة ورقلة،
وفي ربيع سنة 1283هـ/1866م توجه المترجم له صحبة سي الزبير وابن أخيه سي
أحمد بن حمزة من زعماء ثورة سيدي الشيخ إلى مدينة المنيعة ومنها انتقل
بطلنا ابن شهرة إلى عين صالح لتجنيد المجاهدين من توات والشعانبة من
التوارك أيضا، وفي شهر شوال 1285هـ/جانفي1869م اشتعلت نار الحرب بعين ماضي
وكانت هناك معركة هائلة بين قوات الإستعمار الممتازة في سلاحها وتنظيمها
وعددها وبين الجيش الجزائري المجاهد الذي لم يتجاوز عدده في هذه المعركة
الثلاثة آلاف فارس وألفا من المشاة بسلاحه العتيق البالي فكانت الغلبة
طبعا للقوة.
وفي شهر ذي الحجة –مارس- من هذه السنة التحق مترجمنا ابن شهرة المكافح
الشهير بوشوشة الذي كان يرأس جيش الشعابنة ومتليلي وشعانبة المواضي
بالمنيعة وأهل توات، وجاء معه عدد من المجاهدين فالتقيا في قرى المحرق
وقنيفيد على الضفة اليسرى لوادي مزي فانضموا كلهم إلى بوشوشة وفيها كان
الاستلاء على مدينة المنيعة وطرد قائدها جعفر المعين من طرف السلطة
الفرنسية.
وفي بلدة نفطة جنوب غربي تونس اجتمع ابن شهرة باخوانه في الإجهاد الذين
كان منهم محي الدين بن الأمير عبد القادر وأولاد البطل الشعانبي السوفي
بوطيبة بن عمران ومحمد بوعلاق التونسي وجميعهم كان في ضيافة وتأييد الشيخ
مصطفى بن محمد بن عزوز الجزائري رئيس الزاوية الرحمانية هناك، ومن هناك
ارسالها انتشرت رسائل ابن شهرة وصاحبه محي الدين بن الأمير عبد القادر
التي ارسلاها إلى القبائل والعشائر الجزائرية في استنهاضها للجهاد،
والتحقت يومئذ الأرباع يومئذ بقائدها ابن ناصر بن شهرة ملبية لدعواه...
قال رين: ارسل إلينا الرؤساء الموالون لنا عدداً كثيراً من هذه الرسائل،
وقد تجمع لدى القائد العسكري لناحية بسكرة نحو 44 رسالة كلها محفوظة في
وثائق الولاية، وكان على بعضها ختم الأمير محي الدين وعلى بعضها ختم ابن
ناصر بن شهرة، فمنها ما كان مرسلاً إلى رئيس زاوية تماسين، ومنها ما أرسل
إلى السيد باي آغا تقرت و ورقلة وإلى رؤساء وأعيان الطرود بسوف وإلى
الأغواط ومتليلي ومزاب وإلى الشريف بوشوشة وإلى المخادمة والشعانبة وسعيد
عتبة بورقلة وغيرهم...
وفي شهر صفر 1287هـ/مايو 1870م ايتقر مترجمنا بن شهرة صحبة رفيقه الأمير
محي الدين بعين صالح ومعهما ثوار الصحراء الشرقية وهناك إلتقت جيوشهما
بجيوش الشعانبة بقيادة بوشوشة، وثوار أولاد سيدي الشيخ بزعامة سي الزوبير،
وفي النفس الوقت كانت الثورة مشتعلة في الشمال بقيادة المجاهد الحاج محمد
بن الحاج أحمد المقراني والشيخ ابن الحداد رئيس الزاوية الرحمانية في صدوق
تحت قيادة بومزراق المقراني والسيد عزيز بن الشيخ الحداد وانتشرت الثورة
من الساحل وفي الجبال إلى أعماق الصحراء حيث استولى ابن ناصر بن شهرة على
تقرت و ورقلة واستولى الأمير محي الدين على نقرين وتبسة....
وفي أثناء ذلك كان استشهاد المرحوم المقراني (15صفر1288هـ/6ماي 1871م) في
مكان يعرف بسفلات قرب مدينة عين بسام، ثم في 23 ربيع الثاني- 13 جويلية –
ألقي القبض على الشيخ الحداد بعدما تكبد الفرنسيون خسائر كبيرة واضطروا
إلى خوض اكثر من 340 معركة اشتبكت فيها جنودهم بالقوات الجزائرية المجاهدة.
ولما انتقلت الحال في الشمال وتغيرت الأحوال قرر آل المقراني الاعتصام
بالصحراء فكان لمترجمنا الفضل في تمكين آل المقراني من الدخول إلى أرض
تونس ثم أنه بعد وقوع بومزراق وبوشوشة في الأسر واستيلاء الجيش الفرنسي
على مدينة تقرت وورقلة يئس الناس من نجاح الثورة –في هذه المرحلة- وتفرق
المجاهدون في انحاء البلاد، فمنهم من لجأ إلى تونس، ومنهم من ذهب إلى
طرابلس الغرب وبقي مترجمنا ابن الناصر بن شهرة وحده ينازل جيش الاحتلال
ويصاوله فكان يشن عليه بعض المناوشات من الجريد ونفزاوة، ثم دخل مدينة
تونس لاجئاً وفي 27ربيع الثاني 1292هـ-2جوان1875م أرغمه باي تونس على
الرحيل فركب الباخرة من المرسى حلق الوادي إلى بيروت وكان برفقته رفيقه في
الجهاد الجيش محمد الكلبوتي، وفي بيروت استقر ابن شهرة بجوار صديقه الأمير
محي الدين بن الأمير عبد القادر إلى سنة 1300هـ/1883م كما أنه اتصل
بالأمير عبد القادر نفسه بدمشق فتوسط له لدى الحكومة التونسية لبيع ما
تركه بتونس عند الرحيل من أثاث وغيره، ثم كانت وفاته رحمه الله في السنة
بعدها فيكون عمره يومئذ ثمانين سنة.
عبد الرحمان بن محمد الجيلانيكتاب من أبطال المقاومة الشعبية بالجنوبأعمال الملتقى الوطني الثالث للمقامة الشعبية للإحتلال الفرنسي بالجنوب