ندرة مفاجئة تُدخل المرضى في معاناة
أدوية أمراض مزمنة في الجنوب تجلب من تونس وليبيا
تفتقد صيدليات ولايات الجنوب، منذ فترة، لأدوية أمراض مزمنة وحساسة دفعت أقارب المرضى وذويهم للتنقل إلى تونس وليبيا لجلبها. هذه الأدوية تخص مرضى الأعصاب والقلب والسرطان. وهو ما قد يتسبب في وفيات إذا لم يتم تدارك هذه الندرة.
قفز ثمن دواء ''مودوبار'' المخصص لعلاج الأمراض العصبية في السوق السوداء إلى 8 آلاف دينار. وهو الدواء الذي كان يكلف صاحبه قبل عدة أشهر فقط 2700 دينار. أي أن ثمنه تضاعف 3 مرات، بعد أن لجأ بعض الصيادلة في الجنوب لجلبه من ليبيا، بسبب عدم توفره في الصيدليات عبر كل الولايات.
وكشف صيادلة من غرداية وتمنراست، بأن بعض الأدوية الحساسة التي يحتاجها مرضى مزمنون ومصابون بأمراض القلب باتت نادرة أو غير متوفرة بالمرة، بالإضافة إلى أدوية أمراض أطفال وحديثي الولادة. وتعاني بعض بلديات ولايتي تمنراست وإليزي، منذ عدة أشهر، أزمة دواء مضاعفة تفاقمت مع بداية الصيف؛ فبعض الأدوية التي يزداد الطلب عليها في الصيف باتت غير متوفرة، بالإضافة إلى النقص المسجل في أدوية الأمراض العصبية وبعض الأمراض المزمنة.
وكشف منتخبون وذوو مرضى من ولاية تمنراست، بأن مرضى السرطان يموتون في صمت، بعد نقص بعض الأدوية. ما أسفر عن تفاقم حالة المرضى دون أمل في حل ''أزمة الدواء المتواصلة منذ أكثر من شهر''. وبلغ الأمر حد نقص أنواع من حليب الأطفال الطبي وبعض أدوية الأطفال الرضع، وأخرى ذات استهلاك واسع في مناطق عين فزام وبرج باجي مختار الحدودية. ويتنقل الناس في هذه المناطق إلى عاصمة الولاية تمنراست، على مسافة تتعدى 600 كلم، لاقتناء علبة دواء. وفي بعض الحالات، يصبح الحصول على الدواء الموجود على مسافة مئات الأميال مسألة حياة أو موت. فالحصول على العلاج يتطلب قضاء يوم كامل في التنقل إلى عاصمة الولاية.
والحل الوحيد المتاح أمام المرضى أو أقاربهم هو توصية أصحاب الشاحنات أو الحافلات التي تتنقل إلى مدن: تمنراست وإليزي وأدرار، لجلب الدواء الذي ينقل إلى المريض في ظروف غير صحية. وبالتبعية، أصبحت بطاقات العلاج المجاني الخاصة بأصحاب الأمراض المزمنة عديمة الجدوى، لاستحالة صرف وصفات الأطباء من صيدليات خارج البلدية والولاية محل إقامة المريض. يحدث هذا، كما يقول معنيون من بلدية عين فزام، لأشخاص فقراء جدا لا يجدون حتى ثمن الدواء ناهيك عن ثمن التنقل.
وكشف طبيب من مصالح الصحة العمومية بمدينة جانت عبر الهاتف، بأن أدوية ضغط الدم التي يزداد الطلب عليها في الجهة والسكري وأمراض النساء غير متوفرة بالصيدليتين الموجودتين بمدينة جانت، التي تبعد عن العاصمة بـ2500 كلم.
ولصرف بعض وصفات الأطباء يتحتم التنقل إلى عاصمة الولاية إليزي على مسافة تفوق 500 كلم، أو مدينة غات الليبية التي تبعد بـ 400 كلم، أو غدامس الليبية كذلك على مسافة 680 كلم. وفي بعض الحالات تفتقر حتى إليزي للدواء بسبب قلة الكميات المنقولة إلى هنا من الأدوية منذ بداية شهر ماي الماضي.