[center]النظام البنكي الجزائري
تشخيص الواقع
وتحديات المستقبل
مقدمة:
يعد الجهاز المصرفي الممول الرئيسي في اقتصاديات
المديونية أين تكون الاحتياجات المالية كبيرة جدا بالنظر إلى الأموال المتاحة، وهذا
نظرا لعدم كفاءة الأسواق المالية أو غيابها تماما، وهو ما جعل منه محورا أساسيا
لتمويل الحركة التنموية بالجزائر. وقد عرف هذا القطاع إصلاحات عديدة منذ الاستقلال،
لكن التزامه بتمويل القطاع العمومي شكل عبئا ثقيلا على وضعيته المالية مما حال دون
تحقيق الأهداف المرجوة.
وبالنظر إلى ما تمليه المعطيات الاقتصادية والمالية
الجديدة على المستويين الوطني والدولي، فإن هذا القطاع لا يزال يواجه تحديات كبيرة
وعلى جميع المستويات، لذلك سنحاول من خلال هذه الورقة البحثية تشخيص واقع النظام
المصرفي الجزائري وأهم التحديات التي تواجهه معتمدين في ذلك على المنهج الوصفي
التحليلي.
1-نظرة موجزة عن الإصلاحات التي مست الجهاز المصرفي الجزائري:
مر
الجهاز المصرفي والمالي في الجزائر بعدة مراحل، اتسمت كل مرحلة منها بخصائص معينة.
فبعد الاستقلال السياسي ورثت الجزائر جهازا مصرفيا متنوعا قائما على أساس النظام
الليبرالي يخدم المصالح الفرنسية، وهذا ما جعل السلطات العمومية الجزائرية تهتم
بإنشاء جهاز مصرفي يوافق نموذج التنمية الاقتصادية ويضمن تمويله. وقد كانت البداية
سنة 1966 بتأميم البنوك الأجنبية ليتشكل بذلك الجهاز المصرفي الجزائري، واحتفظ هذا
الأخير بهيكله كما هو إلى غاية بداية الثمانينات، أين أعيد النظر في تنظيمه ووظائفه
تماشيا مع الإصلاحات الاقتصادية المكثفة.
وتجدر الإشارة أن أهم ما ميز النظام
البنكي الجزائري منذ الاستقلال حتى بداية الثمانينات ما يلي:
-ازدواجية النظام
البنكي من قطاع بنكي وطني قائم عل أساس اشتراكي وسيطرة الدولة، وقطاع بنكي أجنبي
قائم على أساس ليبرالي رأسمالي، وهذا حتى سنة 1966.
-احتكار الخزينة العمومية
للساحة المالية وهيمنتها على جميع أوجه النشاط المالي والبنكي.
-تهميش دور
البنوك وتكليفها بدور إداري، حيث كانت مجرد مصدر للتدفقات النقدية بين الخزينة
العمومية والمؤسسات الاقتصادية العمومية.
وتجسد محاولة إصلاح المنظومة المصرفية
بتعديل النصوص التشريعية والتنظيمية، حيث تم إصدار القانون 86-12 الصادر بتاريخ
19/08/1986 والخاص بنظام البنوك وشروط الإقراض كمحاولة لإصلاح النظام المصرفي بما
يتوافق والإصلاحات التي مست باقي المؤسسات العمومية الاقتصادية، وقد ترتب عن هذا
القانون ما يلي:
-على المستوى المؤسساتي، أصبح الجهاز المصرفي يتكون من البنك
المركزي الجزائري إضافة إلى مؤسسات القرض المختصة.
-على مستوى توزيع القرض وجمع
الموارد، فإن هذه الوظائف تؤدى في ظل الاحترام الكامل للأهداف المسطرة من طرف
المخطط الوطني للقرض الذي يندرج في إطار المخطط الوطني للتنمية.
كما أعطيت
البنوك حق الإطلاع على الوضعية المالية للمؤسسات قبل الموافقة على منح القروض، وكذا
حق متابعتها. وحتى يصبح هذا القانون أكثر توافقا مع استقلالية المؤسسات العمومية،
فقد تم تعديله بالقانون 88-06 المؤرخ في 12/01/1988 والذي نادى باستقلالية البنوك
والمؤسسات المالية وضرورة تعديل قواعد التمويل، بحيث توجه الاهتمام نحو تحقيق
المردودية المالية للمشاريع الاستثمارية، كما نص نفس القانون على ضرورة استعادة
البنك المركزي صلاحياته في تطبيق السياسة النقدية، في حين تتكفل البنوك والمؤسسات
المالية الأخرى بتمويل مشاريع المؤسسات العمومية الاقتصادية وفقا للإطار الذي يرسمه
المخطط الوطني للقرض، وهذا بالاتجاه نحو مبادئ المردودية والربح في الجهاز
المصرفي.
وبعدما اتضح أن قانون 86/12 غير ملائم للوضعية الاقتصادية، تواصلت
الإصلاحات المالية، وتجسدت في منح البنوك استقلاليتها المالية سنة 1989 بهدف زيادة
فعالية نشاطها ورفع مردوديتها.
وبصدور القانون 90-10 المؤرخ في 14/04/1990
والمتضمن قانون النقد والقرض استكمالا للإصلاحات السابقة، تم إدخال تغييرات جذرية
في تنظيم النشاط المصرفي ومقاييس تصحيح الوضعية المالية للبنوك، حيث تم إلغاء مبدأ
التخصص وأصبح بإمكان البنوك القيام بكل أنواع العمليات البنكية في كل القطاعات
الاقتصادية، وبذلك تكون البنوك العمومية قد تحصلت على نظام البنك الشامل.
كما نص
نفس القانون على ضرورة إنشاء سوق مالية وتطوير السوق النقدية وتوسيع عملياتها،
الشيء الذي يسمح للبنوك بتسوية ولو جزء من سيولتها عن طريق تدخلاتها في هذه السوق،
كما يمكننا ذكر أهم الإنجازات المحققة بعد إصلاحات 1990 في تحرير معدلات الفائدة
على الودائع والقروض بشكل كامل، وذلك ابتداء من سنة 1996 مما أدى إلى تحقيق معدلات
فائدة حقيقية موجبة، كما تم تمويل الخزينة العمومية عبر آليات السوق من خلال
إصدارسندات الخزينة وبيعها عبر المؤسسات المالية والبنكية، وتم تطبيق عمليات السوق
المفتوحة اعتبارا من ديسمبر 1996.
-في مجال نظام سعر الصرف، تمكنت الجزائر من
تحقيق نوع من الاستقرار في قيمة الدينار الجزائري من خلال تخفيضه تجاه العملات
الأجنبية وبنسب مرتفعة خاصة سنة 1994، كما تحول نظام الصرف من النظام الثابت لسعر
الصرف إلى نظام أكثر مرونة، وتمكنت البنوك من خلق سوق صرف أجنبي في ديسمبر 1995
فيما بينها، ويتم من خلاله تحديد أسعار الصرف بناء على تفاعل قوى العرض والطلب على
العملات الأجنبية.
-في مجال إعادة الهيكلة البنكية، باشرت السلطات العمومية في
إعادة رسملة القطاع البنكي، وقدرت التكلفة الإجمالية لهذه العملية بنهاية سنة 2001
ما قيمته 15 مليار دولار، كما تمت إعادة هيكلة التخصص الوظيفي للبنوك كما هو الحال
بالنسبة للصندوق الوطني للتوفير والاحتياط الذي تم تحويله إلى بنك تجاري وكذا البنك
الجزائري للتنمية.
وبالرغم من الإصلاحات العديدة التي مست القطاع المصرفي
الجزائري، إلا أنه يجد نفسه اليوم أمام واقع متدهور لا يستجيب لمتطلبات المرحلة
الحالية.
2-واقع النظام المصرفي الجزائري:
يتسم النظام المصرفي الجزائري
اليوم بما يلي:
-وضعية مثقلة بالديون تقدر بحوالي 1274 مليار دج، وهي مستحقات
البنوك على المؤسسات العمومية الاقتصادية أساسا.
-تقديم خدمات مصرفية تقليدية لا
تستجيب حتى لأبسط التطور الحاصل في المجتمع، ففي الوقت الذي تقوم فيه البنوك
الدولية بتقديم أكثر من 360 خدمة لزبائنها، فإن البنوك الجزائرية لا تصل حتى إلى
مستوى خدمات باقي الدول النامية والمقدرة بـ40 خدمة مما يقلل من قدرتها التنافسية
وتنمية رأسمالها.
-غياب التسويق البنكي، الشيء الذي يقف كعائق أمام هذه البنوك
لمعرفة كيف؟ ومتى؟ ولماذا؟ ومع من تتعامل؟
-ضعف الإدخار مما يؤثر سلبا على تنمية
موارد البنوك التجارية بسبب انخفاض معدلات الفائدة وتوفر الاستثمارات المربحة في
السوق السوداء، بالإضافة إلى التهرب الضريبي والاستفادة من تكاليف الفرصة البديلة
في الدوائر غير الرسمية [أكثر من 1400 مليار دج خارج الدائرة الرسمية
للتداول].
-توسع وامتداد المجال الجغرافي مما يعوق عملية التنسيق الداخلي وتبادل
المعلومات بين مختلف الهياكل.
-ثقل الإجراءات البيروقراطية والتعقيدات في
المعاملات البنكية، حيث تتجاوز فترة دراسة ملف طلب قرض السنة في معظم الأحيان، كما
أن تحصيل شيك من الجنوب إلى الشمال يستغرق أكثر من شهر.
-ضعف كفاءة آداء العنصر
البشري وعدم قدرته على استخدام الأساليب والأدوات المتطورة مما أثر على طريقة تسيير
البنوك، في ظل عدم وجود برامج جادة للتدريب والتطوير، ويتجلى ذلك في تخصيص عدد هام
من المستخدمين لوظائف الدعم، أي الوسائل العامة والمحاسبة والأمانة على حساب
الوظائف العملياتية التي ترتبط مباشرة بالنشاط البنكي المحض، والمتمثلة في العلاقة
مع الزبائن وتسيير وسائل الدفع، مع غياب بعض الوظائف الاستراتيجية الأساسية التي
تمكن البنك من التأقلم مع مستجدات المحيط، كدراسة السوق رقابة التسيير، أضف إلى ذلك
أن عدد كبير من العمال لم يتلق تكوينا تقنيا معمقا بل مجرد تكوين ميداني لا يكفي
عادة لممارسة المسؤوليات المسندة إليهم.
-نقص الوسائل المادية مقارنة
بالاحتياجات الفعلية مما يحول دون التكفل السليم بالعمليات البنكية ومحدودية نظام
الإعلام الآلي غير المتكيف والقليل الفعالية مع الأوضاع الاقتصادية
الراهنة.
-التعامل مع المخاطر بطريقة تقليدية مما يصعب عليها التصدي لأزمات
مالية مفاجئة.
كل ذلك أسفر عن فشل البنوك في قدرتها على جلب المدخرات وتحسين
نوعية الخدمات التي تقدمها.
لقد تمكنت السلطات العمومية الجزائرية خلال
الإصلاحات السابة من قطع شوط كبير في إعادة هيكلة الأطر المؤسسية والقانونية للنظام
البنكي، وعلى الرغم من ذلك، فلا يزال هذا النظام يواجه تحديات كبيرة تولدت عن
الأوضاع المتغيرة باستمرار والناتجة أساسا عن العولمة وتحرير الأسواق
الدولية.
3-التحديات التي تواجه القطاع المصرفي:
ترتبط مقدرة المصارف
على النمو والتطور بمقدرتها على مواكبة التحولات الجديدة وعلى المنافسة المفتوحة في
مجال الخدمات والمنتجات المصرفية، واستخدام التكنولوجيا الحديثة ونظم المعلومات،
وتأهيل الإطارات البشرية والإدارية وتطوير أساليب الرقابة.
ويمكننا حصر أهم
التحديات التي تواجه القطاع المصرفي في الجزائر في نوعين أساسيين هما: التحديات
الداخلية والتحديات الخارجية.
3-1-التحديات الداخلية: ومن أهمها ما يلي:
-صغر
حجم البنوك: على الرغم من التطور الذي شهدته البنوك الجزائرية من حيث زيادة أصولها
ورؤوس أموالها، إلا أنها لا تزال تعاني من صغر أحجامها مقارنة مع البنوك العربية
والأجنبية، حيث أن الاتجاه السائد الآن هو اندماج البنوك فيما بينها من أجل تقوية
مكانتها وتعزيز كفاءتها.
-التركز في نصيب البنوك: يتمثل ارتفاع درجة التركز في
استحواذ نصيب عدد قليل من البنوك على مجمل الأصول البنكية، حيث تمتلك البنوك
التجارية العمومية أكثر من 95% من إجمالي الأصول، الأمر الذي يحد من المنافسة، لأنه
في مثل هذه الحالات، يكون لممارسات بعض البنوك انعكاسات هامة على أداء البنوك
الأخرى وتطوير الصناعة البنكية، مما يؤثر بدرجة جوهرية على أداء السوق.
-تجزئة
النشاط البنكي: لقد أدت السياسة التنموية المتبعة في الجزائر والمرتكزة على تخصيص
الموارد المالية بطريقة مخططة لتشمل مختلف أوجه النشاط الاقتصادي لتحقيق التنمية
الشاملة إلى خلق نوع من التخصص في النشاط البنكي وهذا بإتاحة القروض لقطاع معين
بذاته، وانعكس ذلك على تجزئة النشاط البنكي وما ترتب عنه من كبت العمل بآلية أساسية
تعتبر بمثابة محرك النشاط البنكي بشكل عام ألا وهي المنافسة في السوق البنكي، وكذا
تقليل الحوافز أمام تلك المؤسسات لتنويع محافظها المالية وتسيير الأخطار المترتبة
عنها.
-هيكل ملكية البنوك: يتسم هيكل ملكية الجهاز المصرفي الجزائري بالمساهمة
الكبيرة للقطاع العمومي، تصاحبه سيطرة كاملة لهذا القطاع على إدارة وعمليات البنوك.
وقد أثر وجود الملكية والسيطرة في الهيكل المالي للمصارف على استراتيجيات وعمليات
المؤسسات البنكية بشكل كبير. وعلى الرغم من سياسة التقليل من نسبة ملكية القطاع
العمومي في البنوك وتخفيف قيود الدخول إلى القطاع المالي والمصرفي، إلا أن القطاع
العمومي ما زال يمتلك حصة الأسد في الجهاز المصرفي، حيث أنه من بين 13 مصرف مرخص،
تمتلك السلطات العمومية 8 بنوك وهي الأكبر حجما.
-ضعف كفاءة أنظمة المدفوعات:
تعاني أنظمة تسوية المدفوعات من ضعف كبير للأسلوب التقليدي المعمول به في إتمام
عمليات المقاصة والمعتمد على الأسلوب اليدوي غالبا في فحص ومعالجة أدوات
الدين.
والقرض من خلال سجل المقاصة، ويزداد الأمر حدة إذا تعلق بإجراء مقاصة بين
غرفها المتباعدة مكانيا مما يؤدي إلى عرقلتها لفترة قد تطول وانعكاس ذلك سلبا على
المتعاملين مع البنوك بسبب بقاء الشيكات دون مقاصة لفترة من الزمن.
-القروض
المتعثرة: أدت ممارسات الإقراض السابقة في الجزائر إلى تدهور ملحوظ في نوعية محافظ
قروض البنوك، وهو الأمر الذي تفاقم لاحقا بسبب الأوضاع الاقتصادية العامة غير
المواتية، الشيء الذي حد من مقدرة البنوك على آداء مهام الوساطة من خلال تقليص
السيولة المتوفرة لديها وزيادة تكلفة عملياتها.
-ضعف استخدام التكنولوجيا
والرقابة: يحتاج الجهاز المصرفي في الجزائر إلى زيادة مستوى الاستثمار في
التكنولوجيا البنكية الحديثة، وتطبيق الأنظمة والبرامج العصرية، وذلك حتى يكون
قادرا على مواكبة المنافسة في الأسواق الداخلية والخارجية. كما أن استخدام
التكنولوجيا يزيد من سرعة التسويات وزيادة الشفافية، إذ يسمح بنشر كافة المعلومات
الموجودة فورا، مما يزيد من ثقة المستثمرين بالبنوك. كما أن المنافسة الدولية تتطلب
وجود بيانات قابلة للمقارنة وفق معايير موحدة، وهذا يتطلب بدوره جهدا لتطوير قواعد
الشفافية ونشر البيانات والقوائم المالية بشكل مناسب لجذب المستثمرين
الأجانب.
-ضيق السوق النقدي الأولي والثانوي: يحتاج الجهاز البنكي إلى وجود سوق
نقدية منظمة ومتطورة لما لها من أهمية بالغة لا يمكن تجاهلها، حيث يتم من خلالها
تأمين السيولة النقدية وتوفير أدوات الدفع للبنوك، ومن خلال ذلك تستطيع هذه البنوك
تمويل النشاط الاقتصادي بمختلف قطاعاته، وتتمكن كذلك السلطات النقدية من ممارسة
رقابة فعالة على الائتمان والنقود في الاقتصاد. وتقاس درجة نمو السوق النقدي بعدة
مؤشرات لعل أهمها الحجم الكلي للودائع، تطور الحجم الكلي للقروض، تعدد وتنوع الأصول
النقدية والمالية، تعدد وتنوع البنوك المتعاملة في السوق وقدرتها على توفير أدوات
الدفع، والقيام بعملية تمويل النشاط الاقتصادي بأقل تكلفة ممكنة. في حين يعتبر
السوق المالي سوق الإدخار شبه السائل والائتمان طويل الأجل.
وتجدر الإشارة إلى
أنه تم فتح أبواب بورصة الجزائر في جانفي 1998 (بورصة حديثة وفتية)، وتتسم بقلة
التعاملات، وبذلك حرمت البنوك التجارية من مزايا التعامل مع هذه السوق من خلال
التمويل، التعامل شراء وبيعا، الربح وزيادة رأس المال.
وبالرغم من هذه الأهمية،
إلا أن نجاحها في الجزائر يتطلب المزيد من الجهود والإصلاح وتوفير الخبرات المتخصصة
ذات القدرة والكفاءة الفنية العالية.
-قيود مالية، محاسبية وتنظيمية: ومنها عدم
ملاءمة المخطط المحاسبي القطاعي الخاص بالبنوك في تغطية الحسابات وطرق معالجة
العمليات البنكية وكذلك غياب محاسبة تحليلية بنكية دقيقة مكيفة مع واقع هذه
البنوك.
بالإضافة إلى ضعف منظومة الاتصال التنظيمي، بين مختلف المصالح مما يصعب
من التنسيق والتعاون بين المصالح بسبب انعدام التفاهم بين العاملين بالبنوك خاصة
بين الإطارات والعمال. كما أن صعوبة تدفق المعلومات بالكمية المناسبة وفي الوقت
المناسب ينعكس سلبا على عملية اتخاذ القرار.
-قيود قانونية: وهي مجموع النصوص
القانونية والتشريعية، والتعليمات التنظيمية التي تؤطر النشاط البنكي، حيث أننا لا
نلمس في الواقع الاستقلالية والتعامل على أساس المردودية التي نص عليها قانون 88-06
المعدل والمتمم لقانون 86-12، بل نجد في الواقع العملي التدخل الدائم للدولة في
توجيه سياسات البنوك التجارية.
3-2-التحديات الخارجية: تتمثل التحديات التي
يواجهها النظام البنكي الجزائري في التغيرات السريعة في المحيط الدولي الذي يتعامل
معه، والذي من شأنه أن يؤثر بصورة عميقة حاضرا ومستقبلا على البنوك التجارية
وقدرتها على دعم التنمية في البلاد. ومن أبرز هذه التحديات نذكر:
-ظاهرة
العولمة: ونعني بالأخص عولمة الخدمات البنكية والتي ستؤثر بصورة مباشرة على أداء
البنوك التجارية الجزائرية.
ويذكر أن لهذه الظاهرة إيجابيات تتمثل أساسا في
المساهمة في رفع حدة المنافسة في ظل سوق بنكية مفتوحة تؤدي إلى تحسين الخدمات
وتنويعها ورفع كفاءة أداء البنوك للوصول إلى المستويات العالمية.
غير أن التحدي
الحقيقي لظاهرة العولمة يتمثل في الآثار السلبية التي ستنجر عن هذه الظاهرة ومثال
ذلك المنافسة غير المتكافئة مع البنوك الأجنبية التي يمتد نشاطها نشاطها للجزائر
نظرا لعدم تأهيل البنوك الجزائرية لهذه المنافسة بسبب ما تعانيه من
مشاكل.
بالإضافة إلى تأثير سياسات البنوك الأجنبية على السياسات الاقتصادية
للدولة، كدعم البنوك الجزائرية لبعض المؤسسات والقطاعات الاقتصادية المدرجة ضمن
الخطط التنموية أو الإصلاحات الاقتصادية.
-ظاهرة اندماج الأسواق الدولية: انتشرت
هذه الظاهرة إثر إزالة القيود الدولية أمام توريد الخدمات البنكية والمالية بسبب
تزايد التدفقات الرأسمالية التي فاق حجمها التجارة العالمية للسلع، مما أدى إلى
ارتفاع عدد فروع البنوك ومن ثم ارتفاع حصة البنوك التجارية الأجنبية في الأسواق
البنكية المحلية في العديد من دول العالم.
-ظاهرة اندماج البنوك من التحديات
الخارجية التي تواجهها البنوك التجارية الجزائرية في شكل بنوك عملاقة.
-ظاهرة
البنوك الإلكترونية: تعد هذه البنوك تحد من الدرجة الأولى لنظامنا البنكي والذي
عليه مواجهته بكل حزم وجدية، بحيث تتميز البنوك الإلكترونية بقدرتها الفائقة
والسريعة جدا على تقديم الخدمات البنكية في أي وقت وبدون انقطاع (24/24 ساعة)، وحتى
أيام العطل، ومن أي مكان، وبأي وسيلة كانت.
خـاتمة
يمكن قياس فعالية النظام
البنكي في أي اقتصاد كان بعاملين أساسيين. ويتمثل العامل الأول في مدى مقدرة هذا
النظام على تعبئة الموارد المالية خاصة تلك المتأتية من الإصدار النقدي. وأما
العامل الثاني فيتمثل في الطريقة المثلى لتخصيص تلك الموارد. وعند الحديث عن البنوك
التجارية الجزائرية من وجهة نظر مهنية، ينبغي أن نكون حذرين في إصدار الأحكام بناء
على النتائج المتوصل إليها وهذا لمجموعة من الأسباب أقلها حداثة البنوك التجارية
الجزائرية مقارنة بتلك العاملة في الدول المتقدمة، إضافة إلى الدور الذي أنيط بها،
حيث يستند إلى مركزية التخطيط واتخاذ القرار مما ولد رتابة وجمود على مستوى
حركيتها. كما أن تكليفها بمهمة تمويل البرامج التنموية المخطط قد حد من مستوى
آدائها، وقلل من فرصها في اكتساب المهارة.
مما سبق، يتضح أن الحاجة ملحة اليوم
لقيام السلطات العمومية باتخاذ مجموعة من الإجراءات والإسراع في تجسيدها ميدانيا
بغية الرفع من أداء هذه البنوك استجابة للتطورات الحاصلة في جميع الميادين وطنيا
ودوليا، لذلك نوصي بما يلي:
-يجب إعادة الاعتبار لدور البنوك، بإعادة النظر في
العلاقة التي تربط هذه المؤسسات بالدولة، وذلك في حدود ما للدولة من حقوق وما عليها
من واجبات كباقي المساهمين (احترام الدولة لقواعد السوق كأساس لهذه العلاقة).
-تبني نظام فقال للرقابة على عمل ونشاط البنوك التجارية والإشراف عليها من خلال
تقوية دور البنك المركزي.
-الاهتمام بتنمية الموارد البشرية وتكوين إطارات بنكية
حسب المقاييس الدولية.
-تحسين الهياكل وطرق الاستقبال، ووضع حد للعلاقات الجافة
مع الزبائن والإجراءات البيروقراطية في الإدارة والتنظيم.
-تشكيل شبكة فروع
واسعة في مختلف أرجاء الوطن للتقرب أكثر من الأعوان الاقتصاديين.
-إتمام إجراءات
التطهير المالي للبنوك.
-التفتح على الشراكة بمختلف أساليبها بهدف زيادة القدرة
التنافسية.
-تحسين وتنويع الخدمات المقدمة للمدخرين واتباع سياسة أكثر ديناميكية
فيما يتعلق بجمع الموارد، مع تكوير وسائل الدفع وتعميم استعمالها.
-تطوير شبكة
الاتصال بين الوكالات وبين البنوك نفسها.
-أما فيما يتعلق بتوزيع القروض، فعلى
البنوك أن تكثيف نوع القروض حسب احتياجات الزبائن بهدف توزيع المخاطر وأخذ الضمانات
اللازمة.
ومع كل هذا، فالنظام البنكي في الجزائر يمتلك المقومات الأولية
الضرورية التي تمكنه من انطلاقة فعلية نحو تطوير خدماته والرفع من مستوى آدائه
للاندماج بفعالية في النظام المالي الدولي الجديد.
المراجع المعتمدة:
1.
التقرير العربي الموحد، سبتمبر، 2000.
2. شاكر القزويني، محاضرات في اقتصاد
البنوك، ديوان المطبوعات الجامعية، الجزائر، 2000.
3. محمود حميدات، مدخل
التحليل النقدي، ديوان المطبوعات الجامعية، الجزائر، 1996.
4. الطاهر لطرش،
تقنيات البنوك، ديوان المطبوعات الجامعية، الجزائر، 2000.
5. بخزار يعدل فريدة،
تقنيات وسياسات التسيير المصرفي، ديوان المطبوعات الجامعية، الجزائر، 2000.
6.
رشدي صالح عبد الفتاح، البنوك الشاملة وتطوير دور الجهاز المصرفي المصري، جامعة
الإسكندرية، ط1، 2000.
7. عبد المطلب عبد الحميد، البنوك الشاملة، عملياتها
وإدارتها، الدار الجامعية، الإسكندرية، 2000.
8. فريد راغب النجار، إدارة
الائتمان والقروض المصرفية المتعثرة، مخاطر البنوك في القرن الحادي والعشرون، مؤسسة
شباب الجامعة، الإسكندرية، 2000.
9. A. BOUZIZ, Les années 90 de l’économie
algérienne, ENAG, 1999.
القـوانين:
1- قانون 86-12 المؤرخ في 19/08/1986
المتعلق بنظام البنوك والقرض.
2-قانون 88-06 المؤرخ في 12/01/1988 المعدل
والمتمم لقانون 86-12.
3-قانون 90-10 المؤرخ في 14/04/1990 المتعلق بالنقد
والقرض.
4- التعليمة رقم 01-01 المؤرخ في 27/02/2001 المتممة والمكملة لقانون
النقد والقرض.
الملتقيات والمجلات:
1. زغيب مليكة، نجار حياة، "النظام
المصرفي الجزائري عبر الإصلاحات الاقتصادية: تطور وتحديات"، 5/6 نوفمبر، جامعة
قالمة، 2001.
2-زغيب مليكة، نجار حياة، "دور القطاع المصرفي في التمويل العمومي:
دراسة مقارنة بين التسيير الموجه واقتصاد السوق"، الملتقى الوطني حول إصلاح الدولة،
14/15/16 ماي، جامعة جيجل، 2002.
3-نجار حياة، "التسويق المصرفي ودوره كمؤشر
للأداء في البنوك الجزائرية في آفاق الانضمام إلى الاقتصاد العالمي"، الملتقى
الدولي حول الممارسات التسويقية للمؤسسات العمومية وانفتاح الاقتصاد"، 20/21
أكتوبر، كلية الاقتصاد والتسيير، جامعة وهران، 2002.
4- نجار حياة، زغيب مليكة،
"النظام البنكي الجزائري بين التأهيل والحداثة"، المبلتفى الدولي حول إصلاح النظام
البنكي الجزائري، 17/18 ماي، المركز الجامعي مصطفى اسطمبولي، معسكر،
2003.
5-بوراس أحمد، "الجهاز المالي والمصرفي العربي وقدرته على التأقلم مع
المتغيرات المستجدة"، مجلة العلوم الإنسانية، عدد 20، جامعة منتوري الجزائر، 2003،
ص ص 195-205.
6-زغيب مليكة، "استراتيجية المزيج التمويلي الأمثل: دراسة حالة
المؤسسات العمومية الاقتصادية الجزائرية"، أبحاث روسيكادا، ع1، جامعة سكيكدة،
ديسمبر 2003، ص ص 186-200.
7-زغيب مليكة، نجار حياة، لبجيري نصيرة، "دراسة
معوقات التمويل البنكي للاستثمارات"، المؤتمر الدولي العلمي الثاني حول سبل تنشيط
الاستثمارات في الاقتصادات الانتقالية"، 14/15 مارس، كلية الاقتصاد وعلوم التسيير،
جامعة سكيكدة، 2004.
8-زغيب مليكة، "آثار انضمام الجزائر إلى المنظمة العالمية
للتجارة على القطاع المالي"، بحث تحت الطبع.
9-Dhafer Saidane, "La banque
commerciale traditionnelle est-elle en déclin", Finances & développement au
Maghreb, n°27, Juin 2001, pp 12-34.
10-Laurent VILANOVA, "Les vertus du
financement bancaire", Finance-contrôle-stratégie, vol 2, n°2, Juin 1999, pp
97-133.
مواقع الأنترنت:
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] bank of algeria. dz
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] bea. algerianet.
work
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] bea. dz
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] inf.
org/ fandd
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] lagic. org
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] citonline. com