يقول ربنا تبارك وتعالى في كتابه المحفوظ إلى يوم الدين:
"وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا وَأَوْحَيْنَا
إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ وَإِقَامَ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءَ الزَّكَاةِ
وَكَانُوا لَنَا عَابِدِينَ" الأنبياء73
اللهم إجعلنا ممن يقتدي بأنبياءك ورسلك في الهداية بأمرك وفي فعل الخير
وفي إقام الصلاة وفي إيتاء الزكاة وفي عبادتك حق عبادة.
"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ
تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ. تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ
وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ ذَلِكُمْ
خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ" الصف10-11
اللهم أعنا على تجارتك ونجنا من عذابك وأعنا على الجهاد في سبيلك
بالمال والنفس.
"… وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ" الحجر88
اللهم حسن أخلاقنا وارزقنا الخير كله.
صدقة إطعام الطعام وسن السنة الحسنة
:
عن أبي عمرو جرير بن عبد الله رضي الله عنه قال: كنا في صدر النهار عند
رسول الله صلى الله عليه وسلم فجاءه قوم عراة مجتابي النمار، أو العباء، متقلدي
السيوف عامتهم من مضر، بل كلهم من مضر، فتمعر وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم لما
رأى بهم من الفاقة، فدخل ثم خرج،
فأمر بلالا فأذن وأقام، فصلى ثم خطب، فقال:
"يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ
نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالا كَثِيرًا
وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ
اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا" والآية الأخرى التي في آخر سورة الحشر " يَا
أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ
لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ"
تصدق رجل من ديناره، من درهمه، من ثوبه، من صاع بره، من صاع تمره، حتى
قال: ولو بشق تمرة.
فجاء رجل من الأنصار بصرة كادت كفه تعجز عنها، بل قد عجزت،
ثم تتابع الناس حتى رأيت كومين من طعام وثياب، حتى رأيت وجه رسول الله
صلى الله عليه وسلم يتهلل كأنه مذهبة،
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من سن في الإسلام سنة حسنة فله
أجرها وأجر من عمل بها من بعده من غير أن ينقص من أجورهم شيء، ومن سن في الإسلام
سنة سيئة كان عليه وزرها ووزر من عمل بها من بعده من غير أن ينقص من أوزارهم شيء.
رواه مسلم.
مجتابي النمار: أي لابسي كساء من صوف مخطط قد خرقوها في رؤوسهم.
تمعر: أي تغير.
مذهبة: أي الصفاء والإستنارة
وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أن رجلا سأل رسول الله
صلى الله عيه وسلم: أي الإسلام خير؟
قال: تطعم الطعام وتقرأ السلام على من عرفت ومن لم تعرف.
الحديث متفق عليه.
قضاء حوائج المسلمين، وفضل العلم والذكر
:
عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
المسلم اخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه.
من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته،
ومن فرج عن مسلم كربة فرج الله عنه بها كربة من كرب يوم القيامة،
ومن ستر مسلما ستره الله يوم القيامة.
الحديث متفق عليه.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من نفس
عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة،
ومن يسر على معسر يسر الله عليه في الدنيا والآخرة،
ومن ستر مسلما ستره الله في الدنيا والآخرة،
والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه،
ومن سلك طريقا يلتمس فيه علما سهل الله له طريقا إلى الجنة.
وما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله تعالى، يتلون كتاب الله ويتدارسونه
بينهم إلا نزلت عليهم السكينة وغشيتهم الرحمة وحفتهم الملائكة وذكرهم الله فيمن
عنده، ومن بطأ به عمله لم يسرع به نسبه. رواه مسلم.
كافل اليتيم :
عن سهل بن سعد رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا، وأشار بالسبابة والوسطى وفرج بينهما. رواه
البخاري.
كافل اليتيم: أي القائم بأموره.
عتق الرقاب والفدية والإعانة في الصنع بالتعليم أو
المساعدة :
عن أبي ذر جندب بن جنادة رضي الله عنه قال: قلت يا رسول الله أي
الأعمال أفضل؟
قال: الإيمان بالله، والجهاد في سبيله.
قلت: أي الرقاب أفضل؟
قال: أنفسها عند أهلها، وأكثرها ثمنا.
قلت: فإن لم أفعل؟
قال: تعين صانعا أو تصنع لأخرق.
قلت: يا رسول الله أرأيت إن ضعفت عن بعض العمل؟
قال: تكف شرك عن الناس فإنها صدقة منك على نفسك.
الحديث متفق عليه (رواه البخاري ومسلم)
الأخرق: هو من لا يتقن ما يحاول فعله.
الدلالة على الخير في الغزو :
عن أنس رضي الله عنه أن فتى من أسلم قال: يا رسول الله إني أريد الغزو
وليس معي ما أتجهز به؟
قال: ائت فلانا فإنه قد كان تجهز فمرض.
فأتاه، فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرئك السلام ويقول:
أعطني الذي تجهزت به.
فقال: يا فلانة أعطيه الذي تجهزت به ولا تحبسي منه شيئا فوالله لا
تحبسين منه شيئا فيبارك لك فيه. رواه مسلم.
عن أبي عبد الرحمن زيد بن خالد الجهني رضي الله عنه قال: قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم: من جهز غازيا في سبيل الله فقد غزا، ومن خلف غازيا في أهله
بخير فقد غزا.
الحديث متفق عليه.
صدقة النفس :
عن ابي ذر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: يصبح على
كل سلامي من أحدكم صدقة،
فكل تسبيحة صدقة،
وكل تحميدة صدقة،
وكل تهليلة صدقة،
تكبيرة صدقة،
وأمر بالمعروف صدقة،
ونهي عن المنكر صدقة،
ويجزيء من ذلك ركعتان يركعهما من الضحى. رواه مسلم.
السلامي: هو المفصل.
عن أبي موسى رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: على كل
مسلم صدقة.
قال: أرأيت إن لم يجد؟
قال: يعمل بيديه فينفع نفسه ويتصدق.
قال: أرأيت إن لم يستطع؟
قال: يعين ذا الحاجة الملهوف.
قال: أرأيت إن لم يستطع؟
قال: يأمر بالمعروف أو الخير.
قال: أرأيت إن لم يفعل؟
قال: يمسك عن الشر فإنها صدقة.
الحديث متفق عليه.
عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه
قال: الخازن المسلم الأمين الذي ينفذ ما أمر به فيعطيه كاملا موفرا طيبة به نفسه
فيدفعه إلى الذي أمر له به أحد المتصدقين.
الحديث متفق عليه.
صدقة ولو بقليل العمل :
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كل
سلامي من الناس عليه صدقة كل يوم تطلع فيه الشمس:
تعدل بين الإثنين صدقة،
وتعين الرجل في دابته، فتحمله عليها أو ترفع له عليها متاعه صدقة،
والكلمة الطيبة صدقة،
وتميط الأذى عن الطريق صدقة.
الحديث متفق عليه.
تعدل بين الإثنين: أي تصلح بينهما بالعدل.
عن عدي بن حاتم رضي الله عنه قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول:
إتقوا النار ولو بشق تمرة.
الحديث متفق عليه.
صدقة الأعمال الصالحة :
عن ابي عمارة البراء بن عازب رضي الله عنهما قال: أمرنا رسول الله صلى
الله عليه وسلم بسبع: بعيادة المريض، وإتباع الجنائز، وتشميت العاطس، ونصر الضعيف،
وعون المظلوم، وإفشاء السلام، وإبرار المقسم. رواه البخاري.
صدقة الوجه الطليق :
عن أبي ذر رضي الله عنه قال: قال لي النبي صلى الله عليه وسلم: لا
تحقرن من المعروف شيئا ولو أن تلقى أخاك بوجه طليق. رواه مسلم.
الجود والقرآن في رمضان :
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كان رسول الله صلى الله عيه وسلم أجود
الناس، وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل، وكان جبريل يلقاه في كل ليلة
من رمضان فيدارسه القرآن، فلرسول الله صلى الله عليه وسلم حين يلقاه جبريل أجود
بالخير من الريح المرسلة.
الحديث متفق عليه.
صدقة الغدو للمسجد والرواح :
عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من غدا
إلى المسجد أو راح، أعد الله له في الجنة نزلا كلما غدا أو راح.
الحديث متفق عليه.
النزل: هو القوت والرزق وما يهيأ للضيف.
صدقة رحمة الحيوان :
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: بينما
رجل يمشي بطريق إشتد عليه العطش، فوجد بئرا فنزل فيها فشرب، ثم خرج فإذا كلب يلهث
يأكل الثرى من العطش،
فقال الرجل: لقد بلغ هذا الكلب من العطش مثل الذي كان قد بلغ مني،
فنزل البئر فملأ خفه ماء ثم أمسكه بفيه، حتى رقي فسقي الكلب،
فشكر الله له فغفر له، فأدخله الجنة.
قالوا: يا رسول الله إن لنا في البهائم أجرا؟
فقال: في كل كبد رطبة أجر.
رواه البخاري.
صدقة إماطة الأذى عن الطريق :
عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لقد رايت
رجلا يتقلب في الجنة في شجرة قطعها من ظهر الطريق كانت تؤذي المسلمين. رواه
مسلم.
حق الطريق :
عن ابي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
إياكم والجلوس في الطرقات.
فقالوا: يا رسول الله ما لنا من مجالسنا بد، نتحدث فيها.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فإذا أبيتم إلا المجلس فأعطوا
الطريق حقه.
قالوا: وما حق الطريق يا رسول الله؟
قال: غض البصر، وكف الأذى، ورد السلام، والأمر بالمعروف، والنهي عن
المنكر.
الحديث متفق عليه.
صدقة الغراس :
عن جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما من
مسلم يغرس غرسا إلا كان ما أكل منه له صدقة، وما سرق منه صدقة، ولا يرزؤه أحد إلا
كان له صدقة. رواه مسلم.
يرزؤه: أي ينقصه.
وفي رواية له: فلا يغرس المسلم غرسا، فيأكل منه إنسان ولا دابة ولا طير
إلا كان له صدقة إلى يوم القيامة.
في البحث عن المسكين والسعي على المحتاجين
:
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ليس
المسكين الذي ترده التمرة والتمرتان، ولا اللقمة واللقمتان، إنما المسكين الذي
يتعفف.
الحديث متفق عليه.
وفي رواية: ليس المسكين الذي يطوف على الناس ترده اللقمة واللقمتان،
والتمرة والتمرتان، ولكن المسكين الذي لا يجد غني يغنيه ولا يفطن به فيتصدق عليه،
ولا يقوم فيسأل الناس.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: الساعي على
الأرملة والمسكين كالمجاهد في سبيل الله، وأحسبه قال: وكالقائم الذي لا يفتر
وكالصائم الذي لا يفطر.
الحديث متفق عليه.
صدقة الخلق الكريم مع الطفل والكبير
:
عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: لم يكن رسول الله
صلى الله عليه وسلم فاحشا متفحشا. وكان يقول إن من خياركم أحسنكم أخلاقا.
الحديث متفق عليه.
وعن النواس بن سمعان رضي الله عنه قال: سألت رسول الله صلى الله عليه
وسلم عن البر والإثم، فقال: البر حسن الخلق، والإثم ما حاك في نفسك وكرهت أن يطلع
عليه الناس. رواه مسلم.
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن
الله رفيق يحب الرفق في الأمر كله.
الحديث متفق عليه.
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: ما خير رسول الله صلى الله عليه وسلم
بين أمرين قط إلا أخذ أيسرهما ما لم يكن إثما،
فإن كان إثما كان أبعد الناس منه،
وما انتقم رسول الله صلى الله عليه وسلم لنفسه في شيء قط، إلا أن تنتهك
حرمة الله، فينتقم لله تعالى.
الحديث متفق عليه.
الخير في عمل اليد :
عن أبي عبد الله الزبير بن العوام رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى
الله عليه وسلم: لأن يأخذ أحدكم أحبله ثم يأتي الجبل فيأتي بحزمة من حطب على ظهره
فيبيعها، فيكف الله بها وجهه خير له من أن يسأل الناس أعطوه أو منعوه. رواه
البخاري.
الخير في الإنفاق :
عن جابر رضي الله عنه قال: ما سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا
قط فقال: لا.
الحديث متفق عليه.
وعن أنس رضي الله عنه قال: ما سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم على
الإسلام شيئا إلى أعطاه،
ولقد جاءه رجل فأعطاه غنما بين جبلين، فرجع إلى قومه فقال: يا قوم
أسلموا فإن محمدا يعطي عطاء من لا يخشى الفقر، وإن كان الرجل ليسلم ما يريد إلا
الدنيا فما يلبث إلا يسيرا حتى يكون الإسلام أحب إليه من الدنيا وما عليها. رواه
مسلم.
وعن ابن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا حسد
إلا في اثنتين: رجل آتاه الله مالا فلسطه على هلكته في الحق، ورجل آتاه الله حكمة
فهو يقضي بها ويعلمها.
الحديث متفق عليه.
ومعناه أنه ينبغي أن لا يغبط أحد إلا على إحدى هاتين الخصلتين.
وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: بينما نحن في سفر مع النبي صلى
الله عليه وسلم إذ جاء رجل على راحلة له فجعل يصرف بصره يمينا وشمالا، فقال رسول
الله صلى الله عليه وسلم: من كان معه فضل ظهر فليعد به على من لا ظهر له، ومن كان
له فضل من زاد فليعد به على من لا زاد له.
فذكر من أصناف المال ما ذكر حتى رأينا أنه لا حق لأحد منا في فضل. رواه
مسلم.