1- مقدمة
ظهرت
الكشافة في الجزائر بعد الحرب العالمية الأولى على يد الفرنسيين الذين كان هدفهم
تربية أبنائهم، وكانت صورة للكشافة المتواجدة بفرنسا رغم انخراط بعض الشبّان
الجزائريين في صفوفها لإعجابهم بالنظام والانضباط الكشفي والزي الموحد. لكن الاحتفالات بالذكرى المئوية للاحتلال وما رافقها
من استعراضات استفزازية شاركت فيها الكشافة دفعت الجزائريين إلى الانسحاب من
صفوفها والاتجاه نحو تأسيس كشافة إسلامية جزائرية .
2- نشأتها
تعود أصول الكشافة
الإسلامية الجزائرية إلى سنوات الثلاثينات حين تأسّس فوجا كشفيا بمدينة مليانة تحت
اسم : فوج ابن خلدون على يد صادق الغول،وبعدها بقليل تأسس فوج ثاني بالعاصمة من
طرف محمد بوراس تحت اسم فوج الفلاح سنة 1935،
وحصل على الاعتماد الرسمي في جوان 1936 ثم توسعت الأفواج الكشفية إلى باقي المدن
الجزائريين ، فظهر فوج الرجاء وفوج الصباح بقسنطينة (1936) ، وفوج الفلاح بمستغانم
(1936)، وفوج الإقبال بالبليدة (1936) ، وفوج القطب بالعاصمة (1937) وفوج الحياة
بسطيف (1938) وفوج الهلال بتيزي وزو (1938) وفوج الرجاء بباتنة (1938) وفوج النجوم
بقالمة (1938) .
وأمام تزايد الأفواج الكشفية فكّر محمد بوراس في تأسيس جامعة الكشافة الإسلامية
الجزائرية والتي حظيت بموافقة حكومة الجبهة الشعبية ، وعقد مؤتمر التأسيس بالحراش
تحت الرئاسة الشرفية للشيخ عبد الحميد بن باديس وكان شعاره
"الإسلام ديننا والعربية لغتنا والجزائر وطننا
3- دورها في
الحركة الوطنية
اتسعت
نشاطات الحركة الكشفية، وانتشرت الأفواج في ربوع المدن الجزائرية واكتسب الحركة
شعبية كبيرة في أوساط المواطنين خاصة بعدما حضيت برعاية علماء الإصلاح بإشرافهم
على التجمعات الكشفية، في مختلف المدن الجزائرية ، ابن باديس في قسنطينة والطيب العقبي في العاصمة ، والبشير الإبراهيمي في تلمسان. وتحولت
إلى مدرسة حقيقية لتلقين الشبان الأفكار الوطنية ، ومبادئ الإسلام واللغة العربية
، والتشبع بالفكر الاستقلالي من خلال المخيمات الكشفية وعرض المسرحيات المعبّرة عن
واقع الجزائريين المزري تحت نير الاحتلال، وترديد الأناشيد الوطنية وبث روح الانتماء
القومي في صفوف الشبان .هذا النشاط المكثف للكشافة الإسلامية الجزائرية جعلها عرضة
لمضايقات السلطات الفرنسية التي عملت كل ما في وسعها لعرقلة نشاطاتها ولعل أفضل
مقال على هذا إعدام محمد بوراس بتاريخ
27ماي 1941 بتهمة واهية " الجوسسة
لصالح النازية " ورغم العراقيل واصل الكشفيون مهامهم الوطنية بـ :
- توزيع منشورات الأحزاب الوطنية مثل
منشورات حزب الشعب ومنشورات حركة أحباب البيان .
- عقد الاجتماعات التكوينية في بيوت
المناضلين .
- المشاركة في المظاهرات وأبرزها مشاركة
الكشافة في مظاهرات 08 ماي1945، وأوّل من أستشهد الكشاف بوزيد شعال حامل الراية الوطنية
- أستخدام مقرات الكشافة كملاجئ للمناضلين
المطاردين من طرف الشرطة الفرنسية
4- دورها في الثورة التحريرية
شكلت الكشافة
الإسلامية الجزائرية رصيدا هائلا من الرجال المستعدين للقيام بالعمل المسلح إذّ
تسابقت العناصر الكشفية إلى الالتحاق بالمجاهدين عند اندلاع الثورة التحريرية ، وأعلنت على حل
نفسها استجابة لنداء جبهة التحرير الوطني فتدعم جيش التحرير الوطني ، بكفاءات شبانية مدربة
تتمتع بروح انضباط عالية واخلاص للوطن ووجدت الثورة التحريرية في الكشفيين عناصر
واعية مدربة على العمل والنظام ومستعدة للتضحية من أجل الوطن بقناعة تامة .
وساهم قادة الأفواج الكشفية في تدريب جنود جيش التحرير الوطني، كما استفادت
الوحدات الصحية لجيش التحرير الوطني بخيرة العناصر الكشفية في مجال التمريض
والإسعافات، ومن أبرز القادة الكشفيين الذين شغلوا مناصب قيادية في الثورة ولم
يقتصر دور الكشافة أثناء الثورة على الداخل بل تعدّاه إلى خارج الوطن أين تشكلت
فرق كشفية جزائرية في كل من تونس والمغرب وشاركت باسم الجزائر في عدة نشاطات كشفية
في الرباط، وتونس، و ألمانيا، والصين ، والخلاصة أن الثورة الجزائرية وجدت رصيدا
من الرجال في صفوف الكشافة كان لهم شرف الاستشهاد من أجل حرية الجزائر