أَتَانِيْ نَذِيْرُ الْمَـوْتِ
شعر : د / عبد الرحمن بن عبد الرحمن شميلة الأهدل
أَتَانِيْ نَذِيْرُ الْمَـوْتِ فِيْ قَعْـرِ مَنْزِلِيْ ** وَمَدَّ يَدَ الرُّعْبِ الـرَّهِيْبِ لِمَقْتَلِيْ
فَأَغْرَزَ فِيْ جِسْمِيْ شَظَايَـافَـأَضْعَفَتْ ** عِظَامِيْ وَفِكْرِيْ مِثْلُ بِئْـرٍ مُعَطَّلِ
وَسَـدَّدَ سَهْمًـا نَحْـوَ كُـلِّ خَلِيَّةٍ ** بِجِسْمِيْ وَلَمْ يَفْتَأْ يَهُـدُّ بِمِعْـوَلِ
كَأَنِّيْ بِهِ فِيْ دَاخِلِ الْقَلْبِ وَالْحَشَـا ** يَدُوْرُ كَرِيْحٍ مِنْ جَنُوْبٍ وَشَمْـأَلِ
فَيَـهْـدِمُ أَعْضَـاءً وَ يُضْعِفُ قُـوَّةً ** وَيُبْدِلُ مَا اسْتَعْذَبْتُ حُلْواً بِحَنْظَلِ
وَمَـرَّ عَلَى شَـعْـرٍ كَلَيْلٍ سَـوَادُهُ ** فَأَصْبَحَ مُبْيَضًّا كَمَا الصُّبْحِ مُنْجَلِي
فَأَنْشَدْتُ بَعْدَ السُّقْمِ وَالضَّعْفِ وَالْوَنَى ** وَعِنْدَ لَهِيْبِ النَّـارِ فِيْ كُلِّ مِفْصَلِ
(وَلَيْلٍ كَمَوْجِ الْبَحْرِ أَرْخَـى سُدُوْلَـهُ ** عَلَيَّ بِأَنْـوَاعِ الْهُمُـوْمِ لِيَبْتَلِـيْ)
أَلا يَا نَذِيْرَ الْمَـوْتِ جِئْتَ فُجَـاءَةً ** وَحَمَّلْتَنِي الأَكْفَـانَ دُوْنَ تَمَهُّـلِ
فَقَالَ مُجِيْـبًا كَـمْ أَتَتْكَ إِشَـارَتِيْ ** وَأَنْتَ تَغُضُّ الطَّـرْفَ دُوْنَ تَـأَمُّلِ
فَتَنْسَى اقْتِرَابَ الْمَوْتِ تَنْسَى قُدُوْمَـهُ ** وَتَنْسَى ظَلاَمَ الْقَبْـرِ تَحْتَ عَقَنْقَلِ
أَضَعْتَ زَمَـانًـا بَيْنَ لَهْـوٍ وَغَفْلَـةٍ ** كَأَنَّكَ عَنْ أَهْلِ الصَّلاَحِ بِمَعْـزِلِ
أَفِقْ أَيُّهَا الْمَغْـرُوْرُ وَاحْـذَرْ بِفِطْنَـةٍ ** وَفِكْرٍ مُضِيْءٍ عَـلَّ لَيْلَكَ يَنْجَلِي
فَقُلْتُ لِنَفْسِيْ وَالـدُّمُـوْعُ غَزِيْـرَةٌ ** أَفِيْقِيْ أَفِيْقِيْ مِنْ سُبَـاتِ تَدَلُّـلِ
فَكَمْ مِنْ نَذِيْرٍ هَبَّ نَحْـوَكِ مُسْرِعًـا ** وَأَنْتِ بِأَعْلَى ذِرْوَةِ اللَّهْوِ فَـانْزِلِي
وَتُوْبِيْ إِلَى الرَّحْمَـنِ تَوْبَـةَ مُخْلِصٍ ** وَإِلاَّ جَحِيْمٌ فِي انْتِظَارِكِ فَاعْقِلِي