ج.
الجزء الخاص بالممثلين
ويشمل حجرات الممثلين والممثلات والحمامات الملحقة
بها، وحجرات الماكياج، وصالات البروفات، والاستراحات. وتركب بكل هذه الحجرات
التليفونات أو مكبرات الصوت لاستدعاء كل من يحتاج إليه مدير المسرح أو الريجسير
ليأخذ دوره في المسرحية.
والعناصر المختلفة التي يتكون منها المسرح
هي:
(1) القوس المسرحي
وهو الفتحة التي تحدد مقدمة خشبة المسرح وأساس
بنائه، وهي عادة مزخرفة، وكان أول عهدها بالمسارح الإنجليزية في القرن التاسع عشر
الميلادي. وبما أن فتحة القوس المسرحي كثيراً ما تكون أعلى مما يلزم، لذلك يخفى
الجزء العلوي منها بستارة ثابتة، أو بديكور مرسوم على هيكل ويثبت في سمك القوس
المسرحي، أو وراء الحاجز المعدني. وتكون هذه الستارة وديكورها مناسبين لديكور القوس
المسرحي والقاعة.
(2) خشبة المسرح
وهي مقدمة المسرح يحددها من
جانبيها القوس المسرحي، وتتقدم نحو الصالة حوالي ثلاثة أمتار تقريباً، وبها فتحة
الملقن، وتنتهي من جهة الصالة على هيئة قوس بداخله الإضاءة الموضوعة بطريقة لا تسمح
برؤيتها من جهة الصالة، وترتفع عن منسوب الصالة بقدر ما.
وتمتد خشبة المسرح
نحو العمق بمسافة تبلغ ضعفي عرض القوس المسرحي نفسه، وعرضها ثلاثة أضعاف عرض القوس
المسرحي.
وتكون خشبة المسرح مرتفعة وواسعة، وتصنع من الخشب المشدود على فراغ
أسفل الخشبة بطريقة تسمح بتنقية الصوت وتقويته، وأنواع خشبة المسارح كثيرة ومتعددة،
غير أنها تتفق جميعها في فكرة خدمة الديكور المسرحي والأداء
التمثيلي.
وأرضية خشبة المسرح الآلية تتكون من مساحات تتحرك إلى أعلى وأسفل
بواسطة أجهزة كهربائية، وذلك لإيجاد مستويات مختلفة الارتفاع في أرضية المسرح، بقصد
عمل التشكيلات المطلوبة للمناظر المختلفة، وتمكين الممثلين من الظهور والاختفاء،
تبعاً لما تقتضيه أحداث المسرحية.
أما أرضية خشبة المسرح البسيطة فتتكون من
مجموعة ألواح من الخشب، مركبة بعضها مع بعض، وموضوعة بطريقة يمكن إزالتها بسهولة
وإعادة وضعها وتثبيتها بواسطة شناكل متحركة بحيث تصير جميعها قطعة
واحدة.
أعلى الصفحة
(3) الستائر
للستائر في المسرح عمل مهم،
إذ إنها ديكور له كيان بالنسبة لمساحتها ولونها وخامتها وحركتها، وتأثيرها على
العناصر المختلفة المحيطة بها.
لذلك تشترك الستائر المختلفة المستعملة في
المسرح في الديكور العام، ولكل منها طريقة استعمال تختلف حسب وضعها، والغرض منها
القيام بدور الديكور. والمنسوجات التي تصنع منها الستارة المسرحية كثيرة منها قطيفة
القطن، والحرير، والجوت، والكريتون، والتيل، الخ. ويختلف استعمال كل نوع حسب الهدف
المطلوب منها. وتستعمل عادة الستائر المنسوجة لخفتها ومادتها، فهي قطع ديكور
متحركة، أما إذا كان للتيار الهوائي تأثير في تحريكها من مكانها، فهناك سلاسل من
الرصاص تثبت أسفل الستارة، وتتبع انحنائها، وتساعد على الاحتفاظ بشكلها وعدم
حركتها. وهناك ستارة مقدمة المنظر وستارة الإدارة.
(4) عمودا
الإضاءة
مكانهما على جانبي فتحة المسرح، وهما برجان من الخشب أو الحديد
بارتفاع القوس المسرحي مثبت بهما سلم رأسي للصعود إلى الشرفات الموجودة بهما والتي
توضع عليها الكشافات المختلفة الخاصة بالعرض.
(5) مكان العازفين
في
مسارح الأوبرا، التي تخرج تمثيليات غنائية تتبعها الموسيقى، بئر للأوركسترا ومكانه
بين خشبة المسرح والصالة، وبطول القوس المسرحي وينخفض عن منسوب الصالة نحو متر،
وذلك حتى لا يسبب عازفو الأوركسترا مضايقات لجمهور النظارة عند مشاهدة
العرض.
أما رئيس الأوركسترا فتوضع له قاعدة مرتفعة قليلاً حتى يتمكن من
مشاهدة المطربين والراقصين على خشبة المسرح، إذ تقع عليه مسؤولية إدارة الموسيقى
والرقص والغناء.
إن أهم مبادئ بناء الديكور هو تجهيز عناصر سهلة النقل وذات
متانة كافية، على أن يكون وزنها وحجمها منخفضا لأدنى حد ممكن، وذلك لمنع ازدحام
خشبة المسرح ولتسهيل عملية النقل والتغيير، إذ إن من أهم المشكلات التي تواجه
القائمين على المسرح الإعداد والتكوين والتركيب لعناصر ديكور صممت لأجل مسرحية
معينة، وجعلها مهيأة للعرض في دقائق معدودة، ثم إزالتها بسرعة لوضع ديكور آخر
مكانها. وأحياناً يتطلب العمل تقديم قطع ديكورية أثناء التمثيل وتحت أنظار الجمهور
حسب المشهد.
3. الملابس المسرحية والماكياج
إن العلاقة بين الثياب
والشخصية أعمق مما يتصورها الشخص العادي. ما أندر المرأة التي لا تسترد انتعاش
روحها بجرعة سحر مقوية من ثوب جديد. وما أندر الرجل الذي لا يستشعر الأناقة ورشاقة
الحركة والخفة في حلة جديدة. النسيج الجديد للمباريات القادمة والثياب الجديدة
لحفلة الربيع الراقصة، كل منهما يسبب أو يعكس تغيرات في الشخصية. قد لا تصنع
الملابس الإنسان أو الممثل، ولكنها بغير شك تؤثر في كل منهما، وتساعده في التعبير
عن ذاتيته.
الملابس والماكياج، بما فيها الأقنعة، من أقدم العناصر الأساسية
في فن الدراما. بل إنها تكاد تؤلف العرض بأسره عندما نرجع إلى المراسم والمحافل
البدائية التي تمثل نواة الدراما. وعلي الرغم من أن الإغريق كانوا يهملون المناظر
إلى حد كبير، فمن المؤكد أنهم لم يكونوا يهملون الملابس أو الأقنعة. وقد كان
الانتقال من سيطرة الأقنعة إلى سيطرة الماكياج في عصر النهضة.
في أوائل
القرن التاسع عشر الميلادي أخذت فكرة الملابس التاريخية تعم إنجلترا، كما سبق أن
عمت فرنسا قبل ذلك بعدة أجيال. ومع ذلك لم تكن الملابس المسرحية خلال القرن التاسع
عشر الميلادي تتعدى بضعة أساليب قياسية تقليدية تكاد تخلو من الخيال. كانت ذخيرة
معظم محلات الملابس التجارية تتألف من ملابس ثلاث أو أربع حقب تاريخية، بالإضافة
إلى مجموعة أو مجموعتين من الثياب المحلية. وكان النظام المتبع عادة أن يكون الممثل
مسؤولاً عن ملابسه الشخصية.
والملابس المسرحية يمكن أن تأتي جريئة، صارخة
الألوان، لافتة للنظر. ومن الممكن أن تنبئ عن نزعة مسرحية، أو مخيلة درامية، أو
انسيابية مبسطة لا تتقبلها الثياب العادية. ويحتاج مصمم الملابس، بالإضافة إلى حاسة
الذوق، إلى معرفة الأساليب التاريخية، والقدرة على إبراز معالم الشخصية.
لا
تستطيع القواعد والوصفات أن تحل محل الذوق والحكمة عند وضع الملابس التي تعكس ملامح
الشخصيات. وقد تجدي المعرفة بالمعاني الرمزية للألوان، ولكن ما أكثر الأخطاء
الفادحة التي يرتكبها المصممون عندما يتبعون حرفياً تلك التقاليد المفرطة التبسيط
التي تخصص اللون البنفسجي للملوك، والأزرق الفاتح للطهارة، والأحمر للفتوة، وينبغي
لمصمم الملابس، مثله في ذلك مثل مصمم المناظر، ألا ينسى أن اللون مسألة نسبية، وأن
للملابس الأخرى، والمناظر، والإضاءة، والملحقات تأثيراتها الخاصة.
يجد معظم
الممثلين في رائحة الماكياج المسرحي سحراً، لا يرجع إلى ما فيه من عطر بقدر ما يرجع
إلى ارتباطه بالتوهج المثير للحظات التي تسبق العرض مباشرة. والقيمة النفسية
للمكياج أعمق من جو النشاط الذي تستثيره قبيل رفع الستار، إن كثير من الممثلين خاصة
عندما يقومون بأداء أدوار مغايرة لطبيعة شخصياتهم، يجدون في الماكياج مادة محضرة
تستنهض فيهم مزيداً من الثقة.
4. التمثيل المسرحي
إذا كان الإلقاء
"فن النطق بالكلام"، فإن الإلقاء المسرحي هو فن النطق بالحوار. والمسرح أكثر فنون
الكلام حاجة إلى إخضاع فنون الكلام بالتغيير أو الإضافة. والحوار هو المسرحية، التي
تقوم برمتها على الحوار، ومهما امتلأت بالأفعال صغيرها وكبيرها من المصافحة وهز
الرأس إلى حتى القتل فإن الحوار هو الذي يصوغها. ويقوم الممثل المحترف بقراءة الدور
وفهمه ليتسنى له أداؤه على المسرح بالشكل الذي يريده كاتب المسرحية.
لم يكن
"بيس" هو الممثل الوحيد لدى اليونان الذي يصلنا اسمه، فهنالك كثيرون من بينهم
أسخيلوس وسوفوكليس اللذان كانا يقومان بالتمثيل فيما يكتبان من مسرحيات، كما كانت
حال ُسبيس ولا ريب أن هؤلاء الممثلين بنعالهم العالية، "الكوثورنوس"، وأقنعتهم
المرتفعة، "الأونكوس"، قد اهتدوا إلى ضرورة الصوت الجهوري، والإلقاء المفخم،
والحركة الأسلوبية للتلاؤم مع المسارح الضخمة المكشوفة التي كانوا يعملون فيها.