الجواب :
الحمد لله
أولاً : أهمية بيت المقدس : فاعلم - يرحمك الله - أن فضائل
بيت المقدس كثيرة جداً منها :
- أن الله تعالى وصفه في القرآن بأنه مبارك قال تعالى : (
سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله
) ( سورة الإسراء / 1 ) والقدس هي مما حول المسجد وبهذا تكون مباركة .
- أن الله تعالى وصفها بأنها مقدسة في قوله تعالى على لسان
موسى عليه السلام : ( يا قومِ ادخلوا الأرض المقدسة التي كتب الله لكم ) ( سورة
المائدة /21 ) .
- فيها المسجد الأقصى والصلاة فيه تعدل مائتين وخمسين صلاة
.
عن أبي ذر رضي الله عنه قال : تذاكرنا ونحن عند رسول الله
صلى الله عليه وسلم أيهما أفضل مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم أم بيت المقدس ؟
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : صلاة في مسجدي أفضل من أربع صلوات فيه ولنعم
المصلى هو ، وليوشكن أن يكون للرجل مِثْل شطن فرسه من الأرض حيث يَرى منه بيت
المقدس ; خير له من الدنيا جميعاً " . رواه الحاكم ( 4 / 509 ) وصححه ووافقه
الذهبي والألباني كما في " السلسلة الصحيحة " في آخر الكلام على حديث رقم ( 2902 ).
والصلاة في المسجد النبوي بألف صلاة ، فتكون الصلاة في
المسجد الأقصى بمائتين وخمسين صلاة .
وأما الحديث المشهور أن الصلاة فيه بخمسمائة صلاة : فضعيف .
انظر " تمام المنة " للشيخ الألباني رحمه الله ( ص 292 ) .
- أن الأعور الدجال لا يدخلها لحديث " وإنه سيظهر على الأرض
كلها إلا الحرم وبيت المقدس " رواه أحمد ( 19665 ) ، وصححه ابن خزيمة ( 2 / 327 )
وابن حبان ( 7 / 102 ) .
- والدجال يقتل قريباً من هناك يقتله المسيح عيسى بن مريم
عليه السلام كما جاء في الحديث " يَقتل ابنُ مريم الدجالَ بباب لُدّ " رواه مسلم (
2937 ) من حديث النواس بن سمعان .
و" لدّ " : هي مكان قرب بيت المقدس .
- أن الرسول صلى الله عليه وسلم أسري به من المسجد الحرام
إلى المسجد الأقصى قال تعالى : ( سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً من المسجد الحرام إلى
المسجد الأقصى ) ( الإسراء /1 ) .
- أنه قبلة المسلمين الأولى ، كما جاء عن البراء رضي الله
عنه : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى إلى بيت المقدس ستة عشر شهراً أو سبعة
عشر شهراً .. رواه البخاري ( 41 ) - واللفظ له - ومسلم ( 525 ) .
- أنه مهبط الوحي وموطن الأنبياء وهذا معلوم مقرر .
- أنه من المساجد التي تُشد الرحال إليها .
عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال
: " لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد المسجد الحرام ومسجد الرسول صلى الله عليه
وسلم ومسجد الأقصى " . رواه البخاري ( 1132 ) . ومسلم ( 827 ) من حديث أبي سعيد
الخدري بلفظ " لا تشدوا الرحال إلا …" .
أن الرسول صلى الله عليه وسلم أمّ الأنبياء في صلاة واحدة
في الأقصى في حديث طويل ".. فحانت الصلاة فأممتهم " رواه مسلم ( 172 ) من حديث أبي
هريرة .
فلا يجوز السَّفر إلى بقعة في الأرض بقصد التعبّد فيها إلا
هذه المساجد الثلاثة .
ثانياً :
وبناء يعقوب عليه السلام للمسجد الأقصى لا يعني أن اليهود
أحق بالمسجد من المسلمين حيث إن يعقوب كان موحداً واليهود مشركون فلا يعني أن أباهم
يعقوب إن بنى المسجد فهو لهم بل هو بناه ليصلي فيه الموحدون ولو كانوا غير أبنائه ،
ويمنع منه المشركون ولو كانوا أبناءً له ؛ لأن الأنبياء دعوتهم ليست عرقية بل قائمة
على التقوى .
ثالثاً :
أما قولك : وإن النبي صلى الله عليه وسلم أمّ الأنبياء
السابقين في الصلاة مما يؤكد وحدة الرسالة والوحي الإلهي فهذا صحيح من جهة أصل دين
الأنبياء وعقيدتهم لأن الأنبياء كلهم يستقون من مصدر واحد وهو الوحي وعقيدتهم جميعا
هي عقيدة التوحيد وإفراد الله بالعبادة وإن اختلفت أحكام شرائعهم من جهة التفاصيل ،
ويؤكد هذا نبينا صلى الله عليه وسلم بقوله " أنا أولى الناس بعيسى ابن مريم في
الدنيا والآخرة والأنبياء إخوة لِعَلاَّت أمهاتهم شتى ودينهم واحد " رواه البخاري (
3259 ) ومسلم ( 2365 )
ومعنى " إخوة لِعلاَّت " : الإخوة لأب غير الأشقاء وهم
الإخوة من الضرائر .
وهنا نحذِّر من اعتقاد أن اليهود والنصارى والمسلمين على
مصدر واحد الآن ؛ لأن اليهود بدلوا دين نبيهم بل إن من دين نبيهم أن يتبعوا نبينا
ولا يكفروا به ، وهاهم يكفرون بنبوة محمد صلى الله عليه وسلم ويُشركون بالله .
رابعاً :
ليس لليهود حصة في القدس ؛ لأن الأرض وإن سكنوها من قبل
فإنها قد صارت للمسلمين من وجهين :
1- أنّ اليهود كفروا ولم يعودوا على دين المؤمنين
من بني إسرائيل ممن تابعوا وناصروا موسى وعيسى عليهما السلام .
2- أننا نحن المسلمين أحقّ بها منهم ، لأن الأرض
ليست لمن يعمرها أولاً ، ولكن لمن يقيم فيها حكم الله لأن الله خلق الأرض وخلق
الناس ليعبدوا الله عليها ويُقيموا فيها دين الله وشرعه وحكمه ، قال تعالى : ( إن
الأرض لله يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتقين ) ( سورة الأعراف /128 ) .
ولذلك لو جاء قوم من العرب ليسوا على دين الإسلام فحكموها
بالكفر يُقاتلون حتى يرضخوا فيها لحكم الإسلام أو يُقتلوا .
فليست القضية قضية شعوب وأعراق وإنما قضية توحيد وإسلام .
وللفائدة ننقل ما يلي من كلام بعض الباحثين :
" يقرر التاريخ أن أول من سكن فلسطين الكنعانيون قبل
الميلاد بستة آلاف سنة ، وهم قبيلة عربية قدمت إلى فلسطين من الجزيرة العربية وسميت
فلسطين بعد قدومهم إليها باسمهم . " الصهيونية ، نشأتها ، تنظيماتها ، أنشطتها :
أحمد العوضي " ( ص 7 ) .
: وأما اليهود فكان أول دخولهم فلسطين بعد دخول إبراهيم بما
يقارب ستمائة عام ، أي أنهم دخلوها قبل الميلاد بحوالي ألف وأربعمائة عام ، فيكون
الكنعانيون قد دخلوا فلسطين وقطنوها قبل أن يدخلها اليهود بما يقارب أربعة آلاف
وخمسمائة عام . " المرجع السابق " ( ص 8 ) .
فيتقرر بهذا أنه لا حق لليهود بأرض فلسطين لا حقاً شرعياً
دينيأً ولا حقاً بأقدمية السكنى ومُلْك الأرض ، وأنهم مغتصبون معتدون ونسأل الله
أن يكون خلاص بيت المقدس منهم عاجلا غير آجل إنه على ذلك قدير وبالإجابة جدير ،
والحمد لله رب العالمين .
الشيخ محمد صالح المنجد